أخبار وتقارير

سعيد عاد من سجون جوانتنامو السعودية إلى وطنه جثة مشوهة هامدة

المستقلة خاص ليمنات

فارق الأهل وهجر الزوجة وباع الغالي والنفيس ليشتري فيزة الموت
“ سعيد” عنوان مأساة طافحة بالقهر والألم .. أزهق الجلادون في سجون البطش السعودية روحه بعد أن سلبوا حريته فقد تعرض لكل أنواع الضرب والتعذيب والانتهاك الوحشي البشع ، ، ففقئت عينه وكسرت عظامه، وطعن وجلد واحرق جسده بطريقة بربرية عدوانية.. رحل سعيد ضحية للآيادي الإجرامية الآثمة .. ضحية لألة القمع والتنكيل والقهر والظلم والطغيان في السجون السعودية.. لا لجرم ارتكبه سوى لأنه أبى لكرامته الانسانية أن تنتهك .. فمن ينتصر لسعيد .. أما لهذا العالم من ضمير ؟ وأما في هذا الكون من عدالة؟.
* في الوقت الذي كانت فيه والدته وزوجته وطفله وشقيقاته السبع ينتظرن عودته بفارغ الصبر على أمل أن يحقق طموح الأسرة في بناء بيت جديد ينتشلهم من البيت القديم المتهالك والمتصدع.. وبعد ثلاث سنوات من صبرهن..عاد مهاجرهن ووحيدهن/ سعيد علي قاسم (32 عاماً) من الجارة السعودية إلى قريته ومسقط رأسه (السره) بمديرية مذيخرة محافظة إب .. محمولاً على الأكتاف (جثة هامدة) ليصبن بصدمة شديدة الوقع والآثر، وعند قيام أهل قريته بغسله اكتشفوا آثار التعذيب على جسده النحيل.. ليؤكد لهم مرافقه المهاجر معه.. أنها آثار تعذيب بشع تعرض له سعيد خلال فترة سجنه في سجن الملز السعودي لمدة 8 أشهر.. “المستقلة” وحرصا منها على نقل الحقيقة من مصادرها توجهت إلى قرية السره بمديرية مذيخرة والتقت بأم سعيد المكلومة بولدها وبولده الصغير وخرجت بالحقيقة التالية:
تحقيق / فؤاد أحمد السميعي
فيزا بمليون وسبعمائة ألف ريال
من عاصمة محافظة إب انطلقنا مروراً بمركز مديرية مذيخرة ومنها إلى قرية السره الواقعة في أقصى المنطقة الشمالية الغربية للمديرية وللمحافظة وسلكنا عدة طرق اسفلتية وطرق فرعية وعرة وأخرى بمنتهى الوعورة.. حتى وصلنا إلى منزل الضحية وهناك التقينا بوالدته الحجة مريم علي حمود وبولده بشار سعيد (عامين) وبضعة شهور.. وبعد تقديم العزاء والمواساة أجهشت الأم بالبكاء وراحت تتحدث عن مناقب ومحامد ولدها البار بها وبشقيقاته السبع سواء الأربع المتزوجات أو الثلاث العازبات أو بزوجته التي تركها في البيت بعد ثلاثة أشهر من زواجهما عند وصول الفيزة السعودية التي باع من أجلها الأرض التي خلفها والده وزاد وفى بالذهب الذي استلفه من اخواته الأربع المتزوجات ومن زوجته حيث وصل سعر الفيزة إلى مليون و 700 ألف ريال يمني لأن الفيزة حق سعيد الله يرحمه حسب كلام الحجة مريم فيزة سائق مركبة نقل وهي عادة غالية الثمن.. ثم قالت: “ الله لا الحقه خير من دلّ ولدي على الفيزة الملعونة بنت الملعون.. اقلك قد شقي ابني سعيد في السعودية من قبل لمدة سنتين بالتهريب سواق قلاب تبع كسارة خرسانة بمنطقة قريبة من الحدود اليمنية يسموها العريش أو المعروش.. قانى ناسية لاسمها كانوا يدو له 2500 ريال سعودي شهرياً يصرف 500 ريال ويرسل لنا ب 1000 ريال ويخبئ 1000 ريال لا يدي للحكومة ولا للمكفل ولا لأحد وبعد سنتين رجع وقد اتفق مع واحد دلال الفيز فصممت عليه يتزوج وبعد الزواجة شتدبر قيمة الفيزة وبعد الزواجة بشهر اتصل به الدلال وقال له جهز الفلوس لأن الفيزة جاهزة فأذنت له أني واخواته يبيع فرز الأرض الذي خلفها والده الحاج علي قاسم لنا جميعاً فباعه ب 950 ألف ريال لكنه رجع وهو مقطوب الوجه مكسوع الخاطر فعرفت منه أن قيمة الفرز ما يكفيش حق الفيزة فقلت له ولا تهتم يا ولدي وسرت الى عند اخواته واستلفت الذهب حقهن واعطيته وقلت له هذا الذهب سلفك بيعه ووفي قيمة الفيزة وبعد ما باعه ووفى قيمة الفيزة انتظر لمدة شهر ونصف لما اتصل به الدلال وقله فيزتك جاهزة فأخذها ثم سافر وزوجته حامل في الشهر الثاني واغترب 3 سنوات وعاد لنا جثة هامدة.. فسألتها ما حقيقة آثار التعذيب في جسد المرحوم! ولماذا سجن 8 أشهر في سجن الملز في السعودية فقالت: كما يا ولدي قد حذرني رفيقه الذي وصل الجثة للقرية إني ما أقلش لأحد من أجل ما يقطعوش رزقهم هو وأصحاب القرية المغتربين معه لأنه قد وعدني إنه يرسل لنا بمصاريف شهرية مثل ما شرسلوا لأهلهم فقلت لها اطمئني لن أذكر أسماءهم في الصحيفة أو أسم الشخص الذي أوصل جثة سعيد.
تعذيب وحشي حتى الموت
بعد ذلك سألتها عن الشخص المرافق لجثة سعيد كي أجلس معه واستفسر منه عن بعض الأشياء.. فقالت قد سافر (عاد إلى السعودية اليوم الفجر لأنه خبرني إنه أتفق مع إدارة سجن الملز السعودي أن يستأذن من كفيله لمدة 10 أيام فقط بحجة أداء العمرة فأذن له كفيله وبعدين ركب جنب الجثة بسيارة الشرطة إلى النقطة الحدودية السعودية وهناك اتصلوا إلى النقطة الحدودية اليمنية فأرسلوا لهم طقم عسكري أخذهم وعبر بهم النقطة اليمنية حتى أوصلهم إلى عند موقف السيارات ومن هناك أستأجر سيارة حملته مع سعيد إلى الجراحي في تهامة وبعدين استأجر سيارة ثانية إلى القرية، فكررت لها السؤال ليش حبسوا ابنك؟ قالت يا ولدي قلي فلان تقصد الشخص المرافق للجثة أن ولدي سعيد كان يشتغل سواق سيارة دينة حق واحد تاجر وكان ينقل البضائع من المخازن حق التاجر الذي كافله ويحملها الى عند تجار التجزئة المتفقين مع عمه في عدة مناطق وكان وقت التحميل يحمل الدينة مع عمال المحل وعندما يوصلها يحضروا عمال المحلات الذين لهم البضائع ينفلوها وهو يجلس ينتظر وفي يوم فتح لهم باب الدينة من أجل ينفلوها وجلس ينتظر في الرصيف المقابل في الظل فسمع واحد يصيح أنت يا بو يمن فالتفت إليه فإذا هو عسكري سعودي فاستقام سعيد فجاء العسكري نحوه فصاح في وجهه أنت يا اليماني الوضيع جيت تشحت وصفعه على خده بس سعيد الله يرحمه- على ما قال فلان- ما سكتلوش ورد عليه كذاب أبوك ما أنا شحات ورد عليه الصفعة صفعتين فجاء العمال الذي كانوا ينفلوا البضاعة مع صاحب المحل وفصلوا بينهم وحاولوا تهدئة العسكري وإرضائه بس ما رضى ولا هدأ واتصل بالدورية فحضرت وأخذته للمخفر حقهم فحاولوا أصحاب البلاد المغتربين معه أن يراجعوا عليه بس ما قدروش ومنعوهم من زيارته فكانوا يعلموا من المساجين اللي يخرجوا أن سعيد يتعرض للتعذيب يومياً وبعد أشهر حولوه إلى سجن الملز وفي السجن كانوا يعذبوه ويحاكموه بتهمة الاعتداء على رجل أمن وبعد 8 أشهر من حبسه أبلغوا أهل البلاد المغتربين معه اللي كانوا يسيروا يراجعوا عليه أنه قد مات وخيروهم إما أن يوقعوا على ورقة الموافقة على دفنه في السعودية أو نقله إلى مثواه في اليمن لدفنه فقالوا ننقله إلى اليمن وندفنه في بلاده..
المغتربين ألفة وتعاون
سألتها وخلال الثمانية الأشهر لم يصلكم أي خبر بشأن سجنه!! قالت لا لأن ولدي المرحوم سعيد طيلة غربته- على ما يقولوا المغتربين معه- إنه كان إذا مرض أي مغترب من خبرتهم أو سجن لأي سبب يقوم بجمع فروقات من كل خبرته المغتربين ويقضي بها حاجة المغترب المنكوب ويرسل بالباقي لأهله في اليمن باسم المغترب مثلما كان يرسل لهم قبل نكبته.. وهذي المواقف خلتهم جميعاً يحنوا على بعضهم البعض وحين حبسوا سعيد ما خلوناش خبرته المغتربين الله يكرمهم ويفتح عليهم ويرزقهم.. نحس بشيء ولا حتى أعلموا أهلهم وحتى الجهاز الذي أرسل به لنا بعدما طلع الغربة ركبنا له الشريحة التي أحضرها للبيت قبل ما يسافر وكان يتصل بنا عليها.. هذاك الجهاز اللي يسموه الجوال فلت على البناوت لداخل الماء وخرب قبل عشرة أشهر فكنا نظن أنه كان يتصل بنا بس الجهاز خارب.. ومن يوم الحادث يا ولدي حق حبسه وقلبي نابض وناقز بس كنا نطمئن حينما يصدر لنا بثلاثين ألف ريال شهرياً وهي اللي كانوا خبرته يفرقوها من بعضهم ويرسلوها لنا بإسمه وما علمناش إلا لما اتصلوا بنا قبل وصوله بأربعة أيام أنه في أشد المرض وأنهم با يسفروه إلى اليمن فحسينا أنه قد أنتهى وزاد أتأكدنا لما شفنا شباب القرية ينبشوا قبر وما بوش ميت في القرية ومعظم أهل القرية قد عرفوا بموته بس ما خلوناش ندري وما وصلش لعندنا إلا واحنا متيقنين أنه قد توفى لأن كل العلامات كانت تؤكد أنه قد مات.
صورة مبروزة وغرفة معتمة
وبعد أن حدثتنا أم سعيد بما جرى لابنها طلبت منها صورة شخصية للمرحوم سعيد فأنكرت وجود صور له سوى صورة حائطية مبروزة في جدار غرفته المعتمة مثبتة بمسمار صلب وبعدما دخلت معها إلى الغرفة وحاولت نزع المسمار لإخراج الصورة إلى ضوء الشمس كي التقط لها صورة ولكني فشلت لأن المسمار كان مثبتاً بقوة فحاولت أن التقط لها صورة وهي في مكانها غير أن الغرفة معتمة وحتى شبكة الكهرباء الوطنية أو الخاصة لم تدخل القرية بعد لكن أحد الشباب الذين حضروا نهاية اللقاء الذي جمعني بأم سعيد أبلغني أنه استطاع التقاط صورة واحدة لسعيد لحظة وصوله وهي الصورة الوحيدة التي التقطت له عبر الجوال وقد قال لي هذا الشخص أن المغترب المرافق للجثة صرخ في وجوهنا وأخذ الجوال الذي كان بيد شاب بجانبي ظنا منه أنه هو الذي التقط الصورة ولأنه من أقاربه فلا أدري ما الذي فعله معه.. كما طلب من عقال القرية منع التصوير وأخذ تلفونات الشباب ليطمئن من عدم التصوير وهو يقول لا تودوناش في داهية ولا تسببوا علينا.. خلونا نتقرص العافية كما سمعناه يكلم عقال القرية إنهم أبلغوا السفارة اليمنية في الرياض أن سعيد مات ظلماً وعدواناً في السجن تحت وطأة التعذيب فردت عليهم السفارة أو مسئوليها بأنهم ما يقدروش يفعلوا لنا حاجة.
كسور وحروق وعين مفقوءة
ويضيف الشاب/ حامد محمود الحميدي أنه وعدد من شباب القرية بعدما لاحظوا الجروح الجافة والحروق وتورم الأقدام وفقأ عين سعيد سألوا العقال الذين قاموا بغسله عن ما شاهدوه ببقية أجزاء جسده فأكدوا لهم أن ظهره بالكامل عليه خطوط سوداء غائرة تدل على تعرضه للجلد بالسياط أو بالوايرات أو ما شابه وفي بطنه طعنتين وساقيه وكفيه محرقين من أثر الكي بالكاويات.. وأن يده اليمنى مكسورة من الكوع ولم يعد يمسك بها سوى الجلد أما عظمها فمفصول من مثلث الكوع.. كل تلك الآثار البشعة دلائل قاطعة على تعرضه لأبشع صور وأشكال التعذيب الوحشية.
وتلبية لطلبي وتحت إلحاحي على رؤية الطفل اليتيم بشار سعيد دخلت جدته أم سعيد ولسانها يلهج بذكر الله وعادت وفي يدها حفيدها ولسانها يتمتم بذكر الله لنتأكد حينها أن ذكرها الدائم لله هو الذي صبرها على احتمال جور ما أصابها وبعد ما استأذنت جدته بالتقاط صورة له ودعتهم وعيوني تسابق عيونهم بالدمع من هول وجور المصائب التي تحل بمغتربينا من أفراد ومسئولي نظام يتشدق بتمسكه بتطبيق كتاب الله وسنة رسوله وبالشريعة السمحاء وبمبادئ الدين الحنيف..

زر الذهاب إلى الأعلى